الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم.
محاضرة بعنوان قيام الليل
3802 مشاهدة
الصلاة من أفضل القربات

الحمد لله الأول فليس قبله شيء، والآخر فليس بعده شيء..
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أعطى فأكرم، وأجزل فأنعم، وأمات وأحيا، وأضحك وأبكى، له الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم. وأصلي وأسلم على المحبوب الذي هدى الله به القلوب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه تسليما إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن القلب ليفرح، وإن العين لتدمع، ولا نقول إلا ما يحب ربنا ويرضى؛ فالحمد لله على قدوم شيخ جليل، وإمام فقيه نفع الله به العباد، وعلم في أقطار البلاد، رفع الله درجته، وأحسن عمله، ورفع قدره؛ ألا وهو الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين العالم المعروف، والمعلم النصوح؛ ولولا مخافة الإطالة والإطراء؛ لأطلنا الكلام في شكره، حفظه الله وأطال عمره على طاعته.
قدم إلينا.. ليحدثنا عن قيام الليل؛ وهو قدوة في ذلك، نسأل الله أن يكتب خطواته في ميزان حسناته، وفي ميزان الحاضرين أجمعين، وفي ميزان السامعين، هو ولي ذلك والقادر عليه.
والآن أيها الإخوة.. أترككم مع الشيخ -حفظه الله-؛ ليحدثنا عن هذا الموضوع.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.
نحمد الله ونشكره، ونثني عليه ونستغفره، ونسأله من فضله العظيم أن يوزعنا شكر النعم، وأن يدفع عنا النقم. ونصلي ونسلم على عبده ورسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي علم الأمة وبين لهم ما ينفعهم، وبلغ ما أرسل به إليهم. ورضي الله عن صحابته الذين حملوا العلم، والذين بالغوا في حفظه وفي نقله إلى من بعدهم. وبعد:
أيها الإخوة: إنني كأحدكم لا أرى لي فضلا على أدناكم رجلا. أعترف -والحمد لله- بما فتح الله علي وعليكم من هذا العلم الذي هو علم كتاب الله، وعلم سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- وبما ورثناه عن علمائنا الذين أخلصوا لنا النصيحة، وبينوا لنا وعلمونا؛ فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرا؛ ومع ذلك فإني وإياكم -كلنا- بحاجة إلى أن نتعلم، وإلى أن نتزود من العلم النافع الذي تكون ثمرته العمل الصالح؛ فإن كل من اجتهد في العلم النافع أثمر ذلك في حقه؛ بحيث يظهر عليه أثر الأعمال؛ الأعمال الصالحة التي يحبها الله تعالى.
ولا شك أن من الأعمال الصالحة: الصلاة. هذه الصلاة التي أمر الله تعالى بها، ورغب فيها، وذكر ثوابها؛ هي من أفضل القربات، والأعمال الصالحة التي يتقرب بها العباد. جعل الله منها فريضة، وهي هذه الفرائض الخمس التي تتقربون بها إلى الله تعالى، وتؤدونها جماعة في هذه المساجد في كل يوم خمس مرات.
ثم إنه –سبحانه- رغب في النوافل؛ التي هي زيادة على هذه الفرائض. فرغب عباده في أن يتنفلوا له، وأن يصلوا له ما يستطيعون؛ وما ذاك إلا أن هذه الصلاة محبوبة عند الله تعالى، وكذلك محبوبة عند أولياء الله، وعند خيرة خلقه.